متى تنغرس البويضة في الرحم؟

تُعد مرحلة انغراس البويضة في الرحم من أكثر المراحل حرجًا وحساسية في رحلة الحمل، إذ تمثل الخطوة الفاصلة بين التخصيب وبداية الحمل الفعلي. فبعد أن يتم تلقيح البويضة بالحيوان المنوي، تبدأ رحلتها عبر قناة فالوب حتى تصل إلى الرحم، حيث يجب أن تنغرس بنجاح في بطانته لتبدأ في النمو وتكوين الجنين. لكن متى تنغرس البويضة في الرحم؟ وما العلامات التي قد تشير إلى حدوثه؟ في هذا المقال، نأخذك في جولة علمية مبسطة لفهم توقيت انغراس البويضة، الأعراض المصاحبة له، والعوامل التي قد تؤثر على نجاحه.
انغراس البويضة في الرحم
انغراس البويضة هو المرحلة التي تلتصق فيها البويضة المُخصبة بجدار الرحم بعد أن تنتقل من قناة فالوب. تحدث هذه العملية عادة بعد حوالي 6 إلى 10 أيام من التبويض، وهي خطوة ضرورية لبدء الحمل، لأن الجنين يبدأ في النمو داخل بطانة الرحم ويحصل منها على الغذاء والدعم.
أهمية انغراس البويضة في جدار الرحم
انغراس البويضة هو الخطوة الأساسية التي يبدأ بها الحمل فعليًا. فعلى الرغم من حدوث التخصيب، لا يُعتبر الحمل قد بدأ إلا عندما تنجح البويضة المُخصبة في الانغراس داخل بطانة الرحم. وتكمن أهمية هذه العملية في الآتي:
- تثبيت الجنين داخل الرحم ليتطور وينمو بشكل طبيعي.
- بدء إفراز هرمون الحمل (hCG)، وهو الهرمون الذي يحافظ على بطانة الرحم ويمنع نزول الدورة الشهرية.
- تكوين المشيمة لاحقًا، وهي المسؤولة عن تغذية الجنين وتوصيل الأكسجين إليه.
بدون انغراس ناجح، لا يمكن أن يستمر الحمل، حتى وإن تم التخصيب.
متى تنغرس البويضة في الرحم؟
عادةً ما تنغرس البويضة المُخصبة في الرحم خلال الفترة من اليوم السادس إلى اليوم العاشر بعد الإباضة.
بمعنى آخر، إذا حدث التبويض في اليوم 14 من الدورة الشهرية (في دورة منتظمة مدتها 28 يومًا)، فإن الانغراس يحدث غالبًا ما بين اليوم 20 و24 من الدورة.
ويعتمد توقيت الانغراس على عدة عوامل مثل:
- سرعة انتقال البويضة عبر قناة فالوب.
- جودة بطانة الرحم واستعدادها لاستقبال البويضة.
- توازن الهرمونات، خاصةً هرموني الإستروجين والبروجسترون.
يُعتبر هذا التوقيت بالغ الأهمية، لأنه يحدد متى يبدأ الجسم بإفراز هرمون الحمل (hCG)، والذي يمكن اكتشافه لاحقًا باختبار الحمل.
اقرئي أيضاً: علامات مؤكدة على انغراس البويضة
العوامل المؤثرة على توقيت انغراس البويضة
عمر المرأة وجودة البويضة
تتأثر سرعة انغراس البويضة بجودة البويضات، والتي تنخفض مع التقدم في العمر، مما قد يؤدي إلى تأخر الانغراس أو ضعف احتمالية نجاحه.
صحة بطانة الرحم
البطانة الرحمية السليمة ضرورية لنجاح الانغراس. فإذا كانت رقيقة أو غير مستقرة، فقد لا تتمكن البويضة من الالتصاق بها في الوقت المناسب.
التوازن الهرموني
هرمونا الإستروجين والبروجسترون يلعبان دورًا أساسيًا في تجهيز بطانة الرحم. أي خلل في مستوياتهما قد يعرقل التوقيت الطبيعي للانغراس.
الإجهاد والتوتر
الضغط النفسي قد يؤثر على إفراز الهرمونات المسؤولة عن التبويض والانغراس، مما يؤدي إلى اضطراب توقيته.
طريقة الحمل (طبيعي أو صناعي)
في حالات الحمل بمساعدة طبية مثل التلقيح الصناعي أو الحقن المجهري، قد يختلف توقيت الانغراس حسب يوم نقل الأجنة.
الأدوية أو المنشطات الهرمونية
بعض الأدوية التي تُستخدم في تنشيط التبويض أو تنظيم الهرمونات قد تؤثر على توقيت الانغراس بشكل غير مباشر.
الصحة العامة ونمط الحياة
نقص التغذية، التدخين، السمنة، أو نقص الفيتامينات مثل فيتامين D قد يقلل من كفاءة الرحم ويؤخر انغراس البويضة.
اقرئي أيضاً: موعد إجراء اختبار حمل بعد ترجيع الأجنة
أعراض انغراس البويضة
عند انغراس البويضة المخصبة في بطانة الرحم، قد تظهر بعض الأعراض الخفيفة التي تشير إلى بداية الحمل. ليست كل النساء يشعرن بها، لكن من أبرز هذه الأعراض:
1. نزيف خفيف (نزيف الانغراس)
يُعد من أكثر الأعراض شيوعًا، ويكون على شكل بقع دم وردية أو بنية تظهر لمدة يوم أو يومين، قبل موعد الدورة الشهرية.
2. تقلصات خفيفة
قد تشعر المرأة بتشنجات بسيطة في أسفل البطن تشبه تقلصات الدورة، لكنها تكون أخف وأقصر مدة.
3. تغيرات في الثدي
قد تبدأ بعض النساء بالشعور بألم خفيف أو تورم في الثديين نتيجة التغيرات الهرمونية المبكرة.
4. ارتفاع طفيف في درجة حرارة الجسم
إذا كانت المرأة تتابع درجة حرارتها الأساسية، قد تلاحظ استمرار ارتفاعها بعد الإباضة، وهو مؤشر مبكر على حدوث الحمل.
5. تعب أو إرهاق
يبدأ الجسم في إفراز هرمونات الحمل مما قد يسبب شعورًا بالتعب أو النعاس غير المعتاد.
6. تقلبات مزاجية
نتيجة لتغير الهرمونات، قد تشعر المرأة بتقلبات مفاجئة في المزاج حتى في الأيام الأولى بعد الانغراس.
اقرئي أيضاً: موعد إجراء اختبار حمل بعد ترجيع الأجنة
الفرق بين نزيف الانغراس والدورة الشهرية
قد تُخطئ بعض النساء في التفرقة بين نزيف الانغراس وبداية الدورة الشهرية، خاصةً إذا حدث النزيف قبل الموعد المتوقع للدورة. لكن هناك فروقات واضحة بين الحالتين تساعد في التمييز:
1. الكمية
- نزيف الانغراس: خفيف جدًا، يظهر على شكل بقع أو خطوط بسيطة من الدم.
- الدورة الشهرية: يبدأ خفيفًا ثم يزداد تدريجيًا، ويكون أكثر غزارة.
2. اللون
- نزيف الانغراس: وردي فاتح أو بني، لا يكون أحمر ساطع عادة.
- الدورة الشهرية: يبدأ أحمر أو بني غامق ويتحول إلى أحمر غزير.
3. المدة
- نزيف الانغراس: يدوم من ساعات إلى يومين على الأكثر.
- الدورة الشهرية: تدوم من 3 إلى 7 أيام.
4. الأعراض المصاحبة
- نزيف الانغراس: قد يصاحبه تقلصات خفيفة أو لا يصاحبه أي أعراض.
- الدورة الشهرية: غالبًا ما تكون مصحوبة بألم واضح في أسفل البطن والظهر، مع أعراض أخرى مثل الصداع أو الانتفاخ.
5. التوقيت
- نزيف الانغراس: يحدث غالبًا قبل موعد الدورة بحوالي 6 إلى 10 أيام بعد الإباضة.
- الدورة الشهرية: تأتي في موعدها المعتاد أو بتغير بسيط.
هل يمكن تأكيد الانغراس بالفحوصات؟
في الواقع، لا توجد فحوصات طبية مباشرة تُظهر لحظة انغراس البويضة في بطانة الرحم، لكن يمكن الاستدلال على حدوثه من خلال بعض المؤشرات:
1. اختبار الحمل (تحليل hCG)
بعد انغراس البويضة، يبدأ الجسم بإفراز هرمون الحمل (hCG).
يمكن اكتشاف هذا الهرمون في الدم أو البول بعد حوالي 6 إلى 12 يومًا من الإباضة، وغالبًا ما يظهر بعد أيام قليلة من الانغراس.
تحليل الدم أكثر دقة ويمكن أن يكشف عن الحمل في وقت أبكر من اختبار البول.
2. العلامات الجسدية المبكرة
مثل النزيف الخفيف والتقلصات وتغير درجة حرارة الجسم، لكن هذه علامات غير مؤكدة وقد تختلف من امرأة لأخرى.
3. الموجات فوق الصوتية (السونار)

لا يمكن استخدام السونار لرؤية الانغراس مباشرة، لكنه يُستخدم بعد تأكيد الحمل لرؤية الكيس الجنيني داخل الرحم بعد مرور أسبوعين تقريبًا من الانغراس.
مشاكل قد تعيق انغراس البويضة
رغم أن انغراس البويضة في الرحم هو خطوة طبيعية في بداية الحمل، إلا أن هناك عوامل صحية وطبية قد تمنع حدوثه أو تؤثر على نجاحه، ومن أبرز هذه المشاكل:
1. ضعف بطانة الرحم
إذا كانت بطانة الرحم رقيقة أو غير مكتملة النمو، فقد لا تكون مهيأة لاستقبال البويضة المخصبة، مما يؤدي إلى فشل الانغراس.
2. الخلل الهرموني
نقص أو اضطراب في هرمونات مثل البروجسترون أو الإستروجين قد يؤثر سلبًا على تهيئة الرحم للانغراس.
3. بطانة الرحم المهاجرة (Endometriosis)
وهي حالة تنمو فيها أنسجة بطانة الرحم خارج الرحم، مما يسبب التهابات وبيئة غير مناسبة لنجاح الانغراس.
4. وجود لحمية أو أورام ليفية في الرحم
الألياف أو الزوائد اللحمية داخل الرحم قد تعيق التصاق البويضة بالبطانة أو تسبب بيئة غير مستقرة.
5. اضطرابات في جهاز المناعة
في بعض الحالات، قد يعتبر الجسم البويضة المخصبة جسماً غريبًا ويهاجمها، مما يعيق انغراسها.
6. مشاكل في جودة البويضة أو الحيوان المنوي
بويضة أو حيوان منوي غير سليم قد يؤدي إلى جنين غير قادر على الانغراس بشكل طبيعي.
7. العوامل النفسية والتوتر الشديد
الإجهاد الزائد يؤثر على التوازن الهرموني ويضعف من قدرة الجسم على دعم عملية الانغراس.